عباس الطرابيلى:_ فاتورة الكهرباء وحوار ساخن جدًا
ذهبت إلى وزير الكهرباء شاكياً، ثائراً، متذمراً، بسبب تلك الملعونة فى كل بيت المسماة: فاتورة الكهرباء.. وجلست واستمعت ورأيت.. إلى أن عرفت وتيقنت أن الوزير يحاول أن يطبق عدالة ربما لم نعرفها من قبل.. وهى عدالة تقول بأن طالب أى خدمة عليه أن يدفع ثمنها.. والحكم هنا هو كم تستهلك.. والعداد لا يكذب، ولا يتجمل، بل يواجهنا بالحقيقة، حتى وإن تأخر كشاف الكهرباء عن قراءة أرقام الاستهلاك.
واكتشفت- خلال حوارى مع الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء- الذى امتد لحوالى 90 دقيقة- أن سبب شكوى كل المستهلكين يعود إلى أننا «جميعاً» تعودنا على أن تساعدنا الدولة- فى صورة دعم- على مدى يصل إلى 60 عاماً.. ولما جاء وقت «الفطام» كان قرار تخفيض الدعم عن الغالبية وإلغائه تماماً عن الأقلية شديد المرارة.. تماماً كما يواجه الطفل الرضيع مرارة الفطام.. بالذات عندما تلجأ الأم هنا إلى استخدام «دواء المر»، لكى يعتمد الطفل على نفسه.. بعيداً عن الرضاعة!!، والدولة هنا هى الأم الحقيقية التى لجأت إلى هذا الدواء المر لكى تفطم وليدها عن ثدييها.. وهو أفضل مثل لفكرة الدعم الحكومى.
ذهبت إلى وزارة الكهرباء- يوم الإجازة الأسبوعية «السبت»- وهى مبنى تعودت على الذهاب إليه منذ كنت محرراً صحفياً لشؤون الكهرباء، ممثلاً لصحف أخبار اليوم، فى النصف الأول من ستينيات القرن الماضى، من أيام الدكتور عزت سلامة، أول وزير للكهرباء فى مصر.. ذهبت إليه وفى رأسى العديد من الأسئلة، فى مقدمتها كم يتكلف الكيلو وات الواحد من إنتاج الكهرباء.. وبكم تبيعه الدولة للمستهلكين.. وهل تربح الدولة من الفرق بين السعرين.. وأيضاً تساءلت فى مقالى، يوم الخميس الماضى، وهو سبب هذا اللقاء مع الوزير، كيف تتعامل الدولة- فى مقابل غيرنا من الدول- وهل حقيقة سعر الكهرباء للناس عندنا أكبر من بعض الدول حتى فى أوروبا وأمريكا؟.. أيضاً طالبت بأن تطيل الدولة فترة تخفيض الدعم، وأيضاً إلغائه على مدة أطول من تلك التى تطبقها الآن الحكومة المصرية تماماً، كما نطالب بزيادة مدة تعبئة بحيرة أو خزان سد النهضة فى إثيوبيا حتى نخفف من آثار ومضار المدة القصيرة على حصتنا من مياه النيل الأزرق.. على الأقل إلى أن نستطيع أن نعبر هذه الأزمة.
ذهبت إلى الدكتور محمد شاكر، وزير كهرباء مصر، بناء على طلبه، بعد أن قرأ مقالى، فى نفس اليوم، وبعيدا عن الشكليات والسكرتارية وضغط العمل.. فتح الوزير قلبه قبل أوراقه ومستنداته، لم يمنع عنى أى معلومة بحكم أننى أقدم صحفى كهربائى فى بر مصر، ولم يقل لى: هذا للنشر.. وهذا للعلم، كان يريد أن يقول الحقيقة.. لأنه يعلم فعلاً كيف ينظر الناس إلى الوزارة وإلى الوزير.. وإلى فاتورة الكهرباء.
■ ■ وأذهلتنى الحقائق والمعلومات.. بل وجدت أن أصحاب الصوت العالى من المشتركين، وأنا منهم، عليهم أن يدفعوا ثمن ما يستهلكونه.. مادام متوسط استهلاكهم يزيد على الألف كيلووات شهرياً.
فماذا قال؟.. وماذا سمعت؟.. غداً نشرح حقيقة ما عرفت.