حرب «غاز المتوسط».. من ينتصر مصر أم تركيا؟ «تقرير»

شهدت الساعات الماضية مساعى تركية إستفزازية ، خاصة بعد قيامها بإتخاذ إجراءات مفاجئة تتضمن إعلانها البدء فى التنقيب والبحث عن البترول في منطقة بحرية غرب قبرص على مقربة من الحدود المصرية ، الأمر الذى يمثل "انتهاكا للقوانين الدولية ، ويشكل مساسا وخطرا على الأمن والاستقرار بالمنطقة بوجه عام وبمثابة استفزازا صريحا لمصر لقرب المنطقة من الحدود المصرية التى تم ترسيمها مع دول قبرص وذلك وفقا لإتفاقية الأمم النتحدة لعلوم البحار الموقعة عام 1982

 

وتعيش ،حاليا، تركيا عزلة سياسية وإقتصادية صاحبها شبه توقف تام لعمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى بعد انسحاب غالبية الشركات العالمية العاملة فى مجالات البحث واستكشاف البترول عن عملها فى تركيا، الأمر الذى نتج عنه ضعف الاكتشافات والاحتياطات الكبيرة لدى تركيا، بالإضافة للإعلان عن تشكيل منتدى شرق المتوسط الذى يضم فى عضويته 7 دول والذى أعلن عن تأسيسه فى القاهرة في يناير 2019 ما عدا تركيا.

 

وأكد المهندس جورج عياد الخبير البترولى ، أن تركيا ليس لديها اي دوافع او أسانيد قانونية للبحث أو التنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزيرة القبرصية ، مشيرا إلى أن القانون الدولي يجرم على أي دولة مهما كانت أن تستخدم الحدود البحرية الخاصة بدولة أخرى للبحث أو التنقيب عن المواد البترولية المختلفة.

 

وأضاف عياد فى تصريحاته ل"رئيس تحرير عالم الطاقة "،أن المنطقة التي أعلنت البحرية التركية التنقيب عن الغاز بها خاضعة تماما للسلطات القبرصية ، لذا فإنه لا يحق للسلطات التركية أن تبحث عن الغاز بها، مؤكدا أن ماستقدم عليه السلطات التركية يعتبر عبثا بالمياه الإقليمية الخاصة بإحدي الدول التي لها سيادة واستقلال مما يعد انتهاكًا صارخًا للقواعد والقوانين الدولية.

 

ونوه إلى أن اعتداء البحرية التركية على مياه قبرص يُعد اغتصابًا للحقوق القبرصية، مشددا على أن السلطات التركية ليس لديها أي حق للتنقيب في المياه الإقليمية القبرصية، لذا فإن إعلان السلطات البحرية التركية نيتها عن البحث عن الغاز داخل الحدود المائية القبرصية أمر غير مقبول على الإطلاق.

 

وشدد على أن ليس لتركيا أي حقوق في غاز منطقة غرب قبرص، وأصل الأزمة أن تركيا ليست لها واجهة على البحر المتوسط، نتيجة وجود قبرص أمامها، فضلا عن تطبيق ترسيم الحدود البحرية التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1982، ولم توقع تركيا عليها

 

وأعلنت السلطات البحرية التركية نيتها إجراء عمليات تنقيب عن الغاز حتى سبتمبر في منطقة من البحر المتوسط، تقول السلطات القبرصية إنها تندرج ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزيرة

 

وأوضحت البحرية التركية ، أن عمليات التنقيب ستجريها السفينة "الفاتح" وثلاث سفن مساندة لوجستية.

 

وفي الأعوام الأخيرة، وقعت جمهورية قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، والتي لا تمارس سلطتها سوى على ثلثي الجزيرة، عقودا للتنقيب عن الغاز مع شركات عملاقة مثل إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأمريكية.

بدورها حذرت الخارجية المصرية تركيا، من اتخاذ أي إجراء أحادي الجانب فيما يتعلق بأنشطة حفر أعلنتها في منطقة بحرية غرب قبرص.

وقالت الخارجية المصرية ، في بيان لها ، إن إقدام تركيا على أي خطوة دون الاتفاق مع دول الجوار في منطقة شرق المتوسط، قد يكون له أثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدة ضرورة التزام كافة دول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.

 

من جانبها، أعربت فيديريكا موغريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن "قلقها البالغ" حيال إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب في المنطقة

 

ويكمن السر في المربع رقم 10 بالبحر المتوسط، وهو المربع الذي تعتزم تركيا الحفر والتنقيب عن الغاز فيه، حيث قررت السلطات التركية إرسال سفن تابعة لها، منها سفينة تدعى الفاتح للحفر في هذه المنطقة التابعة لدولة قبرص والبحث عن الغاز فيه ، بحسب تصريحات صحفية للباحث والمحلل المصري جمال طه.

 
ويضيف أن المربع رقم 10 قريب من المنطقة التي يقع فيها حقل ظهر المصري، وربما قد يتشارك معه في الحوض الرسوبي، فضلاً عن أن دولة قبرص ـ التي تسيطر على ثلثي الجزيرة وتقع المنطقة التي بها المربع ضمن أجزاء منها تسيطر عليها تركيا منذ العام 1974 دون اعتراف دولي وبالقوة العسكرية ـ ترتبط باتفاقات ترسيم حدود بحرية مع مصر، مشيرا إلى أن تركيا اختارت توقيت إعلان الحفر في هذه المنطقة تزامناً مع معركة طرابلس التي يواجه فيها حلفاؤها وميليشياتها هزائم ساحقة.

 

 وأكد أن تركيا تهدف لتشتيت تركيز مصر وأوروبا عن طرابلس ومعركتها المصيرية من جهة، والمساومة على حقوق ليست لها لفرض أمر واقع، وهو ما سينتهي لا محالة بالفشل، مضيفا أن مصر لن تصمت إزاء ذلك، وستتخذ إجراءاتها القانونية، وستحمي منطقتها الاقتصادية، كما أن أوروبا لن تسمح لتركيا بالمساس بمصالح دولة أوروبية عضو في الاتحاد الأوروبي هي قبرص.

واتخذت مصر خلال الفترة الأخيرة ممثلة فى وزارة البترول والثروة المعدنية خطوات جدية فى إطار خطتها الهادفة لتحولها إلى مركز إقليمي للطاقة ، بعد أن شهدت  اكتشافات ضخمة في الغاز الطبيعي كان آخرها حقل ظُهر الذي تقدر احتياطياته بنحو 30 تريليون قدم مكعب.

 

وقال حمدى عبد العزيز المتحدث الرسمى بإسم وزارة البترول والثروة المعدنية، إن إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط سيساعد مصر في تحقيق حلمها في التحول إلى مركز إقليمي للطاقة والتعاون في مجال تصدير الغاز المسال إلي أوروبا ، مشيرا إلى أن الدول التى شاركت في المنتدى اتفقت على التعاون فيما بينهم في مجال استخراج الغاز الطبيعي، والتعاون في تصديره من خلال استغلال البنية التحتية المصرية، والتي ستساعدهم تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال وتصديره إلى الدول الأوروبية.

 

وأضاف عبد العزيز فى تصريحات لـ"رئيس تحرير عالم" ، أن إعلان القاهرة تأسيس المنتدى يهدف لتحقيق أكثر من هدف للدول الأعضاء التى ستعمل على تحقيقها خلال الفترة المقبلة أبرزها العمل على إنشاء سوق غاز إقليمي يخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية ، بالإضافة لضمان تأمين العرض والطلب للأعضاء مع العمل على تنمية الموارد على الوجه الأمثل والاستخدام الكفء للبنية التحتية القائمة والجديدة مع تقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.
 

وأوضح أن المنتدى سيساهم أيضا فى تعزيز التعاون من خلال خلق حوار منهجي منظم وصياغة سياسات إقليمية مشتركة بشأن الغاز الطبيعي ، بما في ذلك سياسات الغاز الإقليمية، بالإضافة لمساعدة الدول المستهلكة في تأمين احتياجاتها وإتاحة مشاركتهم مع دول العبور في وضع سياسات الغاز في المنطقة.

 

وقال المهندس صلاح حافظ الخبير البترولى ، إن المنتدى قضى على الأمال والطموح التركية الهادفة إلى أنها تصبح المعبر الوسيط بين المنتج والمستهلك، المنتج هو دول شرق المتوسط والمستهلك هو أوروبا واسيا وكان من المفترض أن يتم ذلك  من خلال إنشاء خط أنابيب بين الحقول وبين تركيا مباشرة ثم إلى مستوردى الغاز فى أوروبا وبالطبع مشروع بهذه الضخامة كان سيدر مليارات على الخزانة التركية تساعدها فى مواجهة الأزمة الاقتصادية العنيفة التى تمر بها مؤخرا، لكن نشأة منتدى شرق المتوسط دمرت تماما الطموحات التركية.
 

ونوه حافظ فى تصريحاته لرئيس تحرير عالم الطاقة ، إلى أن الاحتياطات التركية من الغاز ضعيفة جدا ولا تضعها فى ترتيب تنافسى فى قائمة المنتجين  ، مشيرا إلى أنه من الوارد قيام كلا من تركيا، روسيا، سوريا، قبرص التركية  بتأسيس كيان موازن للكيان الأول لكن ما يهمنا هنا هو الموقف الأوروبي.