محمد صلاح يكتب :ـ«صناعة الفارق»فى وزارة الكهرباء
بتأنٍّ وتفانٍ، يقود الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، سفينة الوزارة التي كادت تتحول إلى ركام نتيجة غياب التنسيق بين الوزارة وكافة الهيئات والشركات التابعة لها خلال الفترات السابقة، وسيطرة شخصيات بعينها على زمام الأمور، مما كاد أن يتسبب في غرق القطاع. إلا أن وزير الكهرباء المجتهد ينتهج سياسة جديدة، تتسم بالشفافية والوضوح، وهو نهج لم يكن معهودًا من قبل. ومع ذلك، هناك أسئلة واستفسارات تلقي بظلالها على مجريات الأحداث والتطورات المتسارعة.
لا شك أن انعقاد اجتماع الجمعية العامة العادية للشركة القابضة لكهرباء مصر لمناقشة ميزانية العام المالي 2023/2024 قد يكون الأخير لبعض القيادات التي بلغ أفرادها سنًا متقدمة وأصبحوا بحاجة إلى راحة تامة، نظرًا لحساسية المرحلة المقبلة، التي تتطلب كوادر شبابية فعّالة بمعايير مختلفة وقدرات فائقة. تلك الكوادر يجب أن تكون قادرة على تنفيذ تعليمات وتوجيهات قائد من طراز مختلف، يضع نصب عينيه تحقيق الإنجاز والإعجاز.
حاليًا، يبدو الوضع في القطاع محبطًا، لا يسرّ عدوًا ولا حبيبًا، باستثناء منظومة نقل الكهرباء، التي نجح الوزير في اختيار قيادات مميزة لإدارتها. هذه القيادات تمتلك فكرًا مبتكرًا وطاقة إيجابية، تتناغم مع جهود الوزير في المضي قدمًا نحو تحقيق مشاريع عملاقة، مثل مشروع الربط الكهربائي المصري-السعودي، وزيادة قدرات الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقات الجديدة والمتجددة، والتي تحظى باهتمام خاص منه. ومع ذلك، هناك ملفات تستدعي تدخل صاحب القرار. أولها: إعادة الثقة بين الوزارة وشركات التوزيع والإنتاج، التي خرجت عن السيطرة وأصبحت تحت نفوذ الشركة القابضة، وسط قيادات هشة وضعيفة وأخرى لا تتخذ أي قرارات إلا بعد الحصول على إذن من أشخاص بعينهم. وبهذا، أصبحت الشركات والقيادات بلا أنياب أو فعالية. فمن يتحمل مسؤولية هذا الوضع؟
في هذا السياق، يقدم الدكتور محمد دعبيس، المسؤول عن تقييم شركات التوزيع، نموذجًا ناجحًا بامتياز حتى الآن، بالتعاون مع فريق عمله من الوزارة. فقد استطاعوا تحقيق نتائج مرضية تساهم في وضع حلول عاجلة لبعض المشكلات المتراكمة والمستعصية، من خلال زيارات ميدانية على أرض الواقع.
من جانب آخر، يتوجب على وزير الكهرباء والطاقة المتجددة مراجعة تشكيل مجالس إدارات كافة الشركات، ووضع كل قيادة في مكانها الصحيح، بما يتناسب مع قدراتها وحجمها الطبيعي. كما يجب تصعيد كوادر من داخل وخارج القطاع، بشرط امتلاكهم الخبرات والقدرات اللازمة لتحقيق الفارق، مع تغيير المفاهيم السائدة حول عضوية مجلس الإدارة، التي يراها البعض مجرد امتيازات شهرية وسنوية تُقدر بمئات الآلاف. فنحن أمام فترة فارقة لقطاع يواجه تحديات وصعوبات بالغة الخطورة.
حتى الآن، نجح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، بجدارة، في تنفيذ استراتيجية جديدة غير معهودة داخل القطاع. ومع ذلك، يبقى الشأن الداخلي للوزارة، بما في ذلك الشركات والهيئات التابعة، في حاجة ماسة إلى التركيز ووضع خطة عمل شاملة مبنية على المحاسبة لضمان تحقيق الإنجاز، والتأكد من عدم تقاعس أي قيادة. فقد أصبحت المحاسبة ضرورة ملحّة لتلافي أخطاء الماضي وضمان مستقبل أكثر استقرارًا وفاعلية للقطاع.