د.محمد سليم يكتب:_مقارنة خسائر حرق غاز الشعلةوفقد الكهرباء في مصر

يعتبر حرق غاز الشعلة Flared Gas وخسائر فقد الكهرباء Electric Losses مشكلتين كبيرتين في مصر، تؤثران على الاقتصاد والبيئة على حد سواء. حرق غاز الشعلة يشمل حرق الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، بينما تشير خسائر فقد الكهرباء إلى الطاقة المفقودة فى شبكات النقل والتوزيع. ونظرا للاهمية القصوى لكلا الموضوعين فان هذا المقال لالقاء الضوء على المقارنة بين التأثيرات الاقتصادية والبيئية لكل منهما وذلك للمزيد من الوعى المعرفى لدى متخذ القرار وعامة الجمهور لاتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لمواجهة المخاطر وتقليل تأثيرهما ان لم نستطع التغلب عليهما تماما في مصر.

اولا: حرق غاز الشعلة في مصر

يُعتبر حرق غاز الشعلة مشكلة ملحوظة في مصر ومنذ فترة طويلة، حيث شهد حجم الغاز المحروق تقلبات على مدى العقد الماضى منذ عام 2012 وقامت وزارة البترول وشركاتها باتخاذ اجراءات متعددة للاستفادة من غاز الشعلة بدلا من حرقه حيث انه في عام 2022، انخفض حجم الغاز المحروق إلى 2.0 مليار متر مكعب  (bcm)  سنويا من ذروة سابقة بلغت 2.8 مليار متر مكعب سنوياً بين عامي 2014 و2016. وهذه الكميات كانت تصل نسبتها الى 4.5 % من انتاج الغاز فى عام 2014 الى 3 % عام 2022.

وباستخدام متوسط سعر الغاز الطبيعي البالغ 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu)، تكون القيمة الاقتصادية للغاز المحروق كالاتى:

•    381.36 :  2012مليون دولار
• 395.48 : 2014-2016   مليون دولار سنويًا
•   324.86   : 2020مليون دولار
•   282.49    : 2022مليون دولار

توضح هذه الأرقام الخسارة الاقتصادية الكبيرة المرتبطة بحرق غاز الشعلة سنويا، والتي يمكن استخدامها بدلاً من ذلك في إنتاج الطاقة  او ما يناسب من عمليات تخزين او نقل .

انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق غاز الشعلة

لا يخفى على احد التأثير البيئي لحرق غاز الشعلة مضاره البيئية وبشكل رئيسي انبعاثات الغازات الدفيئة GHG ، مع مساهمات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون (CO₂) والميثان (CH₄) وفي عام 2022، كانت الانبعاثات المقدرة للغازات الدفيئة من حرق غاز الشعلة في مصر حوالي 5.0 مليون طن  من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (CO₂e) 

ثانيا: خسائر فقد الكهرباء في مصر

وفقًا لتقرير الشركة القابضة لكهرباء مصر لعام 2020/2021، تعاملت شبكة النقل مع 197.3 تيراواط ساعة (TWh) بنسبة فقد قدره  3.8% بعد ان كان 4 % فى الاعوام السابقة، بينما تعاملت شبكة التوزيع مع 163.6 تيراواط ساعة بنسبة فقد قدره  22.6%

وتشمل خسائر فقد الكهرباء في مصر من الفقد الفني والفقد غير الفني وللتعريف والتعمق فى مسببات كل منهما يحتاج الى مقال اخر، لكن باختصار فان الفقد الفني أثناء نقل وتوزيع الكهرباء بسبب مقاومة الموصلات والكابلات الكهربائية وكفاءة المعدات من محولات قدرة ومحولات توزيع وتوازن احمال وعوامل أخرى، بينما غالبًا ما يكون الفقد غير الفني ناتج عن السرقة أو التلاعب فى القراءات والاهمال فى المتابعة وعدم استخدام تكنولوجيا ناجعة فى ادارة الاحمال.

التأثير الاقتصادي لخسائر فقد الكهرباء

لمقارنة التأثير الاقتصادي لخسائر فقد الكهرباء مع خسائر حرق غاز الشعلة، نحتاج إلى النظر في إجمالي الكهرباء المولدة في مصر وقيمة الكهرباء المفقودة.

بافتراض تكلفة متوسطة للكهرباء تبلغ 0.023 دولار لكل كيلوواط ساعة (kWh)

القيمة الاقتصادية للكهرباء المفقودة تعادل 1.11 مليار دولار ما يعادل تقريبا 52 مليار جنيه مصرى

وبالمقارنة بنسبة الفقد فى الشبكات العالمية فى كل من شبكتى النقل والتوزيع والتى تتراوح من 5.5 %  الى 12 %

وبفرض النسبة لتحقيق العدالة والانصاف هى 10 %  فيتم خصم هذه النسبة من القيمة الاقتصادية عاليه .

التأثير البيئي لخسائر فقد الكهرباء

تساهم خسائر فقد الكهرباء أيضًا في انبعاثات غازات الدفيئة بشكل غير مباشر بحيث لو تم تقليل الفقد سيتم تقليل الاستهلاك بنفس القدر ومن ثم توفير الانبعاثات المناظرة لها . وإذا اعتبرنا عامل انبعاث متوسط ​​يبلغ 0.5 كجم CO₂ لكل kWh  لمحطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي:

 انبعاثات غازات الدفيئة من الكهرباء المفقودةتصل الى  21.24 مليون طن CO₂

المقارنة

1. التأثير الاقتصادي:
   • حرق غاز الشعلة:    282.49 مليون دولار )2022)
   • خسائر فقد الكهرباء:    1.11مليار دولار (2020/2021)
2. التأثير البيئي (انبعاثات غازات الدفيئة):
   • حرق غاز الشعلة :   5.0مليون طن من ثانى اكسيد الكربون تقريبا
   • خسائر فقد الكهرباء:   21.24 مليون طن من ثانى اكسيد الكربون تقريبا

الخلاصة

توضح المقارنة بين حرق الغاز وخسائر الكهرباء في مصر أن خسائر الكهرباء لها تأثير اقتصادي وبيئي أكبر من حرق الغاز. في حين أن الخسارة الاقتصادية من حرق الغاز في عام 2022 كانت حوالي 282.49 مليون دولار، كانت الخسارة الاقتصادية من فقد الكهرباء أعلى بكثير 1.11 مليار دولار، بالإضافة إلى ذلك، كانت انبعاثات غازات الدفيئة من خسائر فقد الكهرباء 21.24 مليون طن  CO₂)) اكثر من اربعة أضعاف تلك الناتجة عن حرق غاز الشعلة 5 مليون طن .

وعلى الرغم مما تم من اجراءات لمعالجة كل من حرق غاز الشعلة وفقد الكهرباء فانه ما زالا يعتبرا بابا مفتوحا وتحديا بالغ الأهمية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية في مصر.

المصادر:

• World Bank. (2022). Global Gas Flaring Reduction Partnership (GGFR) Annual Report.
• Egyptian Natural Gas Holding Company (EGAS) Annual Report (2020)
• EEHC Annual Report 2020/2021

تنزيل (3)