عبدالحفيظ عمار يكتب: تريند «السولار» يسأل: أين «إعلام البترول»؟
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو يوثِّق عملية تعبئة جراكن سولار بإحدى قرى الظهير الغربي بمحافظة المنيا، مستغلين وجود كميات من الوقود المسكوب في أحد مجاري السيول.
الفيديو، الذي يتحدث فيه شخص بلهجة صعيدية فكاهية تلقفته مواقع إخبارية عربية وعالمية، ونشرته بشكل واسع على جميع وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها، الواقعة صاحبها سيل من التعليقات الساخرة والسلبية، التي تنتقد غياب فرق الطوارئ والأمن عن مشهد «الكوميديا السوداء».
وزارة البترول لم توضح للرأي العام تفاصيل ما جرى، سواء من خلال بيان صحفي، أو حتى منشور على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لتسرد الواقعة وتفصيلاتها الفنية، وهل هناك تراخٍ أو تقصير من جانبها أم لا؟ ولم تدلِ بمعلومات فنية عن الواقعة وتوقيتها، وتوقيت تحرك الطواقم الفنية لاحتواء الموقف وإصلاح العطل، وتفسير الفيديو، الذي أصبح مادة تندر على مواقع التواصل.
«عالم الطاقة» تواصلت مع عدة مسئولين رفضوا التحدث؛ لأنهم- على حد قولهم- غير مخولين بالحديث، والوزارة فقط هي من تتحدث، لكننا اجتهدنا لتقصي الواقعة وتوضيحها من خلال تحليل مقتضب لتوضيح الصورة.
واستغربت أن أحدًا من المواقع الإلكترونية- على كثرتها- لم يتصدَ لتوضيح الصورة، ويُجِب عن أسئلة الجمهور، وينشر الحقيقة، ويشرح معلومات فنية تنير الصورة، بحكم خبرة تلك المواقع.
لكن حقيقة، هذا صنيعة إعلام وزارة البترول، الذي سعى جاهدًا ليحول بين التعامل الإعلامي المباشر بين الصحفيين وقيادات ورؤساء الشركات.
واندثرت الجولات، واختفى الحوار، الذي شكَّل لسنوات، منذ ٢٠١٥م، زخمًا كبيرًا في قطاع البترول، فكان كل رئيس شركة يتحدث عن التحديات، التي واجهتها شركته، وقصص النجاح الملهمة، والتي كانت تجد متابعة من رؤساء الشركات الأخرى داخل مجاله البترولي، سواء كان إنتاجًا، أو تكريرًا، أو تسويقًا، والاستفادة من تلك النجاحات واستلهام كيفية مواجهة التحديات، لم نكن نسمع حينها «هات إذن من الوزارة»، أو حتى رفض الحديث عن واقعة أو موضوع.
فهناك حالة من الركود الإعلامي في قطاع البترول، لا حوارات، لا جولات، لا تصريحات، فقط سكون.
أعلم أن رؤساء وقيادات الشركات يؤدون عملهم، ومنهم من يبدع، ليس رياءً، لكن الحديث عن نجاحات، وتحديات العمل، ينشر المعرفة، وكيف تم التفوق على التحدي أو خلق الفرص،
كما أن المسئول إنسان يحب أن يرى أصدقاءه، ومجتمع العمل، وأهله، ما يصنع، وهذا مفيد للغاية من الناحية النفسية.
هناك العديد من الصحفيين الكبار، والشباب أيضًا، تستطيع وزارة البترول أن تصنع من خلال بعضهم حالة معرفية، يفهم من خلالها المواطن العادي مبادئ صناعة البترول واقتصاديات الإنتاج وعمليات التكرير.
إعلام البترول لم ينجح في عملية تعريف المواطن المصري بمبادئ الصناعة، مستغلًا اهتمام المجتمع باكتشاف حقل ظهر.. الاكتشاف الكبير الذي غيَّر وجه المنطقة، لم يتم استغلال هذا الحدث لخلق ثقافة بترولية لدى رجل الشارع، لكن للأسف ضياع تلك الفرصة كانت له ضريبة دفعتها الحكومة بأكملها.
المواطن العادي طار فرحًا.. معتقدًا أننا سنصبح مثل دول الخليج، ولم يتم توضيح المعلومة له، وأن «ظهر» مجرد حقل واحد، وسكان مصر يزيدون على ١٠٠ مليون نسمة، وكيف يتم الإنتاج، وعمليات تقاسم العوائد المتوقعة، وبعدما ارتفع سقف الطموح لدى الناس، سرعان ما أصابهم الإحباط، وتساءلوا: أين عوائد الغاز، ولا يحدثنا البعض أنه تم نشر البيانات وتمت مداخلات... إلخ.
أنت مطالب كإعلام وزارة يمثل الدولة أن توصل المعلومة، وتُبدع في ذلك كي تضمن وصولها للمواطن.
وإعلام البترول هنا المقصود به الجميع، وليس إدارة الإعلام في الوزارة فقط، وإن كان إعلام الوزارة لا بد أن يستخدم الجميع لتحقيق هذا الهدف.
كان لا بد من وضع خطة إعلامية شاملة ترسخ المعلومات الصحيحة، وتزيل المعلومات المغلوطة، وكذلك تكرار المعلومات وتبسيطها، وأن ينتبه القائمون لتلك النقطة، ويتم التخطيط جيداً «لضمان» وصول تلك المعلومات الصحيحة بصورة مبسطة لرجل الشارع الذي بالكاد «يفك الخط»، وهنا كان لا بد من الاستعانة بالصحفيين وغيرهم؛ لتقديم محتوى يوضح المعلومة ويبسطها للشخص الأمي وربة المنزل، وحتى الشباب حديثي السن، ما هو حقل ظهر؟ وماذا ننتظر منه؟ كلٌ بالطريقة التي يفهمها والوسيلة التي يفضلها.
أعيدوا ديناميكية العمل الإعلامي المنضبط وزخمه.. يرحمكم الله.
تحليل.. في حادث كسر خط السولار: مَنْ المخطئ.. المواطنون أم البترول؟