ننشر تفاصيل مؤتمر «فينترسال دِيا» الصحفي السنوي 2023
قال ماريو ميهرِن: «كان عام 2022 عامًا حافلًا بالتحدِّيات التي أسفرت عن تغييرٍ مهمٍّ طرأ على فينترسال دِيا. لقد طغت الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا على أحداث الإثني عشر شهرًا الأخيرة. ومنذ بدايات اندلاع هذه الحرب، كنا واضحين في إدانتها. فقد كانت ولا تزال مصدر لمعاناة لا يُمكن تصوُّرُها. إنِّي مازلت مصدومًا ومروَّعًا من هذه الحرب ومن ويلاتها على شعب أوكرانيا.
كانت هذه الحرب نقطة تحوُّل للسياسات الدولية. كما شكّلت نقطة تحوُّل لأسواق الطاقة الأوروبية والدولية. لقد كان عامًا عصيبًا.
لقد شهدنا جدلًا كبيرًا حول حظر الغاز؛ أي: المقاطعة التامة لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا. وفي النهاية، أوقفت روسيا بنفسها ضخ الغاز. وقد رأينا ما تعرضت له خطوط أنابيب نورد ستريم من عملٍ تخريبيٍّ فظّ وخطير. وهو مؤشِّر صادم على واقع الطاقة الأوروبية الجديد.
كان عام 2022 نقطة تحوُّل لأسواق الطاقة، كما أنَّه شكّل أيضاً نقطة تحوُّل لفينترسال دِيا.
منذ بداية الحرب ونحن نُقيِّم الوضع بشكلٍ مستمر. وكان من الجليِّ أنَّه لا يُمكن الاستمرار في مزاولة العمل كالمعتاد.
ومنذ خمسة أسابيع، اتخذنا القرار المُمكن الوحيد: فينترسال دِيا ستخرج من روسيا. لقد كان قرارًا صعبًا، لكنَّه القرار السليم. فمواصلة العمل في روسيا أمرٌ غير مقبول: إذ إنَّ الحرب لا تتوافق مع قيمنا. وقد دمرت عُرى التعاون الاقتصادي بين روسيا وأوروبا. كما أنَّ القيود التي فرضتها الحكومة الروسية جعلت مواصلة العمل كالمعتاد في روسيا أمرًا مستحيلاً عندنا.
وعليه، فإنَّنا الآن سوف نُغادر هذا البلد. بأسوبٍ منظَّم، وبما يتوافق مع جميع القوانين واللوائح النافذة.
ودعوني أقول بمنتهى الصراحة: نعم، لا يُمكننا الخروج من تلك البلاد بين ليلةٍ وضحاها؛ لأننا نتحلّى بالمسؤولية في عملنا. لكنْ، هذا القرار لا رجعة فيه، ولن ننتظر على أمل أن تتحسن الأوضاع.
إننا نُغادر روسيا. وقد طوينا هذا الفصل من تاريخنا.
وعلى الرغم من أنَّ قرارنا بمغادرة روسيا له عواقب ضخمة، إلا أنَّ أداءنا المالي والتشغيلي القوي يعني أنَّنا مستعدون لمجابهة تلك العواقب. وقد تكبَّدنا خسائرَ استثنائية غير نقدية بلغت قيمتها 7 مليارات يورو. ومنذ بداية الحرب، لم نحصّل أيَّ عوائد من روسيا.
ورغم ذلك، يظلُّ وضعنا قويًا ومستقرًا؛ لأنَّنا متأهِّبون. فقد أسَّسنا مرونتنا المالية بحكمة. ولدينا ميزانية قوية. كما سيطرنا على أساس التكلفة لدينا رغم ضغوط التضخم العالمي.
اسمحوا لي أن أطلعكم على بعض الأرقام الرئيسية لعام 2022، وجميع هذه الأرقام لا تشمل روسيا. فقد بلغت أرباحنا 5.9 مليارات يورو قبل حساب الفوائد والضرائب وإهلاك الأصول ورأس المال ومصاريف الاستكشاف (EBITDAX)، مع صافي دخل مُعدَّل وصل إلى 0.9 مليار يورو. كما حقَّقنا تدفّقاً نقدياً حرّاً بلغ 2.5 مليار يورو، وأنهينا العام الماضي بصافي دين بلغ 1.3 مليار يورو فقط، وبوضع نقدي قدْرُه 3.1 مليارات يورو. بناءً على ذلك، فإن ميزانيتنا قوية، وبرهنتْ على قوَّتها أيضًا تصنيفاتُنا الائتمانية التي بقيت كما هي، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
لم يكن هذا الأداء ليتحقَّقَ لولا العمل الجادّ الذي بذلته طواقم العمل لدينا التي ظلَّ تركيزها مُنصبًّا على إنتاج الطاقة التي تشتدُّ الحاجة إليها في ظلِّ ظروفٍ صعبة. من هنا، أودُّ أن أشكر #فريق فينترسال دِيا على التزام أفراده كلّهم، وتفانيهم، وأدائهم خلال عام 2022 الاستثنائي.
مع استمرار سير عملية الخروج من روسيا، ومع فصل القوائم المالية الخاصة بروسيا عن تقاريرنا المالية: فإنَّ العام الماضي حمل معه الكثير من التغييرات التي شملت أيضًا فينترسال دِيا. ومع ذلك، تبقى هناك ثوابت.
فما زلنا إحدى أكبر الشركات المستقلة في أوروبا في مجال التنقيب والإنتاج. وقد بلغ إنتاجنا 321 ألف برميل من النفط المكافئ يوميًّا في عام 2022، ومرةً أخرى باستثناء روسيا. كما ننشط في بلدان متعددة على النطاق العالمي، إذ نعمل في 11 دولة حول العالم، ولدينا تركيز على العمليات الرئيسية في النرويج والأرجنتين ومصر وألمانيا، ونعمل على نموِّ أعمالنا في كلٍّ من المكسيك والجزائر؛ مع إمكانية دخولنا إلى بلدانٍ أخرى.
إننا نتطلع إلى المستقبل بصفتنا شركة مرنة وأكثر تركيزًا. ومع ذلك، فسيكون هناك مزيد من التغييرات في أعمالنا. وفي ضوء محفظتنا المتغيِّرة، سوف نُلقي نظرةً فاحصة على التكاليف وعلى كيفية عملنا في العام المقبل. وعلينا الحفاظ على قدراتنا التنافسية.
نحن مُنتِجٌ مهم للغاز والنفط، ومحفظتنا متنوعة دولياً. فضلاً عن تمتّعنا بميزانية قوية وبوضع مالي سليم، إلى جانب وجود استراتيجية واضحة لدينا للمستقبل.
لدينا أولويَّتان استراتيجيِّتان تتمثلان في تحقيق النمو المعتدل في أعمالنا الخاصة بالاستكشاف والإنتاج، وذلك بهدف إنتاج ما بين 350 ألف و400 ألف برميل من النفط المكافئ يومياً على المدى المتوسط، علاوةً على إقامة أنشطتنا الخاصة بإدارة الكربون وبالهيدروجين.
أولاً، دعونا ننظر إلى النمو المعتدل في أعمالنا الخاصة بالتنقيب والإنتاج. نحن نعمل على تعزيز محفظتنا التي تُرجِّح كفّة الغاز، كما نُنوِّع أعمالنا على المستوى الجغرافي. وسوف ننجز ذلك عبر التركيز على التنقيب، إضافة إلى عمليات الاندماج والاستحواذ ذات القيمة التراكمية.
في عام 2022، أحرزنا تقدماً ملحوظاً، إذ حقَّقت الشركة إنتاجًا إضافيًّا في وقتٍ كانت هناك فيه حاجة ماسّة إليه. فقد بدأ الإنتاج من حقل نفط نوفا Nova الذي نشغّله في أواخر شهر يوليو. إلى جانب ذلك، استؤنف الإنتاج في حقل نيوردNjord في شهر ديسمبر.
لقد أصبح مسار التطوير لدينا زاخراً. في النرويج، قدمنا ثماني خطط لمشاريع تطوير في العام الماضي، جرى تشغيل اثنين منها. وفي الأرجنتين، اتخذنا قرار الاستثمار النهائي بشأن حقل غاز فينيكس Fenix.
شهدت فينترسال دِيا مجددًا عاماً ناجحاً للغاية في التنقيب. ففي النرويج، شاركنا في اكتشافات يُقدَّر حجمها الإجمالي ما بين 88 مليون و286 مليون برميل من النفط المكافئ القابل للاسترداد. وقد حصلنا على أحد عشر ترخيصًا جديدًا للتنقيب، ثلاثة منها كمُشغِّل. وفي مصر، اكتشفنا غازاَ في شرق دمنهور، وأضفنا إلى محفظتنا منطقة تنقيب جديدة؛ وهي شمال غرب أبو قير.
وعلى خلفية عمليات الاندماج والاستحواذ، تقدمنا خطوةً إلى الأمام على صعيد خططنا للنمو. في الجزائر، زدنا حصتنا في مشروع غاز حقل رَقَّان شمال. أما في المكسيك، فقد دخلنا في مشروع هوكشي لإنتاج النفط، مضيفين بذلك إلى محفظتنا براميلَ نفطٍ فعالة على مستوييِّ التكلفة والانبعاثات.
وبتحقيق الإنتاج الإضافي، ومسار التطوير الممتلئ، والنجاحات في التنقيب وعمليات الاندماج والاستحواذ: كان هناك الكثير من التطورات الإيجابية حتى في السنة الماضية العصيبة.
وسنستمر على هذا المنوال في 2023، ونخطِّط لمواصلة تعزيز محفظتنا.
وتتمثل أولويتنا الاستراتيجية الثانية في إدارة الكربون وفي الهيدروجين. نرى أسواقًا مهمّة تتجّه نحو احتجاز الكربون وتخزينه، وصوبَ الهيدروجين منخفض الكربون. وحسب تصوُّرنا، ما من وسيلة لتحقيق صافي صفر انبعاثات من دونهما، وهذا ما يتفق عليه الخبراء.
هدفنا هو إنشاء أنشطة خاصة بإدارة الكربون وبالهيدروجين بهدف خفض من 20 مليون إلى 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا بحلول عام 2040. وهو ما يُعادل نحو ستين في المئة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الصناعات الضخمة لقطاع الصلب الألماني. إنها لأرقامٌ معتبَرَة!
وهذه ليست مجرد خطة من الخطط النظرية. فنحن نتخذ إجراءات عملية. ففي غضون أيام فقط، سيتمُّ سحب ثاني أكسيد الكربون بعيدًا عن شواطئ الدنمارك، وحقنه تحت الأرض في خزّان نيني ويست Nini-West. إنَّنا على يقين من أنَّ هذا الحقن التجريبي سيكون فاتحة لتخزين ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع في هذا الخزّان اعتبارًا من عام 2025/2026.
وهذا المشروع، غرين ساند Greensand، ليس سوى واحد من المشروعات التي نمضي بها قُدُماً في بحر الشمال. ففي عام 2022، حصلنا على رخصتنا الأولى لاحتجاز الكربون وتخزينه في النرويج؛ وهو ترخيص "لونا". كما أسَّسنا المشروع النرويجي- الألمانيNOR-GE الذي يهدف إلى ربط الصناعة الألمانية بتخزين ثاني أكسيد الكربون في النرويج. إضافة إلى أننا نعمل على إنشاء مركز لنقل الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون في فيلهلمسهافن Wilhelmshaven بألمانيا.
ومن شأن هذه المشروعات معًا إحداث فارقٍ حقيقي يتمثل في: ربط ألمانيا والنرويج والدنمارك مع بعضهاً بعضاً، وإزالة الكربون من الصناعة الألمانية والأوروبية، مع التخزين الآمن لثاني أكسيد الكربون في قاع البحر، فضلاً عن إنشاء سلاسل قيمة جديدة.
هذا هو هدفنا. وسيُحدث تحقيقه طفرةً مهمة في أعمالنا. إننا على الطريق الصحيح. وفينترسال دِيا في مرحلة انتقال: من كونها الشركة الأوروبية الرائدة والمستقلة في مجال الغاز والنفط؛ لتصبح شركة أوروبية رائدة ومستقلة في مجال إدارة الكربون والهيدروجين.
في الختام، لقد كان عام 2022 عامًا صعبًا. لكنَّنا سنمضي قُدمًا. نسير وفي جعبتنا استراتيجية واضحة؛ هي: تحقيق النمو المعتدل في التنقيب والإنتاج، وإقامة أنشطة خاصة بإدارة الكربون وبالهيدروجين. وهما هدفان يتماشيان بشكلٍ جليّ مع تحديات الطاقة الكبرى في العالم، والمتمثلة في: ضمان تأمين الإمدادات، والتصدِّي لتغيُّر المناخ».
فينترسال دِيا هي جزء من الحل. وهذا ما يدفع فريقنا إلى المُضِيِّ قُدُماً نحو الأمام.