عباس الطرابيلى يكتب: ليبيا.. على البترول دور
فى باليرمو اجتمع المهتمون بالدولة الليبية.. وحضر من حضر.. اعترض أو انسحب من يهوى اللعب فى مصير الشعوب.. ولكن كان البترول هو الحاضر الغائب.. بل هو لم يغب أصلاً
والبترول ليس فقط مطلب الدول الطامعة وفى مقدمتها إيطاليا وفرنسا وهما الأقرب إلى ليبيا مكانياً.. وبالطبع البترول الليبى ليس قليلاً فهو بين مليون وربع مليون برميل يومياً.. وبين مليون ونصف المليون، وكنا نحن- محررى البترول- عندما نحضر مؤتمرات الأوبيك- كنا نصنف ونصف ليبيا بأنها من الدول الصقور الأعضاء فى أوبيك.. وقد كان هناك عدد من الحمائم أى الذين يتبعون الأسلوب الهادئ فى معالجة أوضاع البترول، وكنا نصنف العراق وفنزويلا وليبيا والجزائر مثلاً بأنها من الصقور، بينما نصنف دول الخليج والسعودية ونيجيريا بأنها من الحمائم!!
والصراع الدائر الآن فى ليبيا يدور بين الدول المستوردة للبترول، أو البترول الليبى هو الأرخص لها بحكم قربه المكانى سواء إيطاليا أو فرنسا أو إسبانيا.. وبالطبع لا نغفل حلم هذه الدول- وغيرها- فى الفوز بحصة الأسد من عمليات إعادة تغمير وبناء ما دمرته الحرب الأهلية هناك، وبذلك تستعيد بعض ما سبق أن دفعته لاستيراد هذا البترول، وبالطبع ترك العقيد القذافى مليارات عديدة!!
ولكن للقضية الليبية وجهها المحلى- أى الليبى- ذلك أن الصراع الأكبر هو بين الفئات المتصارعة على تقاسم عائدات البترول المتراكمة من سنوات.. أو ثمن أى بترول يتم تصديره حالياً.. أو مستقبلاً.. وهذا فى رأيى هو أخطر ما فى القضية الليبية، وليس أبداً صراعاً فكرياً أو أيديولوجياً.. أو حتى عقائدياً، هو- شئنا أم أبينا- صراع مالى على هذه العائدات.. بل هو من أهم أسباب الاختلاف بين شرق ليبيا.. وغربها، أى بين بنى غازى فى الشرق وطرابلس فى الغرب، وهذا الكلام كشفه دى ميستورا المبعوث الأممى السابق إلى ليبيا=
ومن المؤكد أن «كيفية توزيع» عوائد البترول تحتل مقدمة أجندة أى مؤتمر أو خطة للتوصل إلى حل يرضى كل الأطراف المتصارعة، وبالطبع لاننكر أن دولاً وتنظيمات خارجية- مثل داعش ومثل الإخوان تحاول أن يستمر هذا الصراع خدمة لأهدافها.. ولكن لايمكن استبعاد «أغراضها» المالية هناك.. فالأرقام يسيل لها لعاب كل المتصارعين.. وحتى قبل أن يتفجر البترول فى ليبيا نتذكر الخلافات التى سبقت إعلان الوحدة والاستقلال بين برقة وطرابلس وكادت تتحطم أحلام الليبيين فى إقامة دولة واحدة تمتد سواحلها إلى حوالى 2000 كيلومتر.. والخلاف حول البترول وعائداته موجود أيضاً فى نيجيريا وهى الأكبر إنتاجياً.. فى أفريقيا. والأكثر صراعاً بين القبائل.. والسلطات!!
** وإذا كانت بعض الدول البترولية أحسنت استخدام عائدات بترولها فى بناء العقول والتنمية استعداداً لعصر ما بعد البترول.. فإن بعضها- ومنها ليبيا- كانت تنفق على توفير الخدمات.. أما أن يصل الصراع إلى صراع «على الحصص» التى تحصل عليها كل قبيلة فهو أمر غير معقول=
وهذا هو «لب» الصراع الليبى.. فهل يتفقون من أجل ليبيا أم يفوز البترول حتى على أطماع الدول الخارجية؟! ويطول الصراع ويعجز الجيران وكل المتصارعين.
نقلا عن موقع المصرى اليوم