رئيس مجلس الإدارة
عبدالحفيظ عمار
رئيس التحرير
محمد صلاح

د.محمد اليماني يكتب : انجازات قطاع الكهرباء المصري خلال 8 سنوات

عالم الطاقة

انتهجت الدولة المصرية استراتيجية شاملة للنهوض بقطاع الطاقة، في إطار رؤيتها الطموحة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة وأن تكون منطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، مستغلة فى ذلك موقعها الاستراتيجي والثروات الطبيعية التى تتمتع بها وتوافر مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة ، وكذلك الأصول والبنية التحتية التى تم تطويرها على مدار السنوات الثمان السابقة ليشهد هذا القطاع الهام إصلاحات وطفرة غير مسبوقة على صعيد تأمين الإمدادات والاستدامة والإدارة الرشيدة ، فضلا عن إنشاء محطات جديدة لتوليد الكهرباء وتنويع مصادر إنتاجها، الأمر الذي انعكس على قدرة مصر فى التغلب على التحديات الكبيرة التى واجهتها فى توفير الطاقة للسوق المحلى خلال مرحلة سابقة، كما يسهم فى دعم عملية التنمية الشاملة فى كافة المجالات ، وتمكن قطاع الكهرباء المصري خلال تلك السنوات من تحقيق تقدم هائل في توفير التغذية الكهربائية باهتمام ومتابعة متواصلة من القيادة السياسية ، وتعتبر جمهورية مصر العربية هي البلد الأكبر من حيث عدد السكان في شمال أفريقيا والمنطقة العربية، وهناك زيادة سريعة في الطلب على الطاقة ، لقد دخلت الكهرباء إلى مصر عام 1893م وتم إنشاء أول وزارة للكهرباء عام 1964م ووصل عدد المشتركين فى قطاع الكهرباء” أصحاب العدادات” إلى أكثر من 39 مليون مشترك ، ووصلت القدرات المركبة حاليًا إلى أكثر من  60 ألف ميجاوات ، ولولا  دعم القيادة السياسية وتكاتف جهود قطاعات البترول والمالية والقوات المسلحة والشرطة ما تحققت كل هذه الإنجازات في زمن قياسي ، سواء في مجالات الإنتاج او النقل او التوزيع ، وفي مشروعات الربط الكهربائي الدولي ، ومشروعات الطاقة المتجددة والنووية ..

كان المنتج من الكهرباء عام 2014 حوالي  24 ألف ميجاوات بينما يصل الإحتياج الفعلي إلى 29 الف ميجاوات فتكررت الإنقطاعات آنذاك ، ووصل  انتاج الكهرباء حاليا الى اكثر من 60 ألف ميجاوات  ، وكان المنتج من القدرات المتجددة ( مائي وشمسي ورياح ) حوالي 3487 ميجاوات ، ووصل الآن الى اكثر من 6300 ميجاوات ..   وكانت أطوال شبكات الخطوط الهوائية والكابلات على الجهد الفائق والعالى والمتوسط والمنخفض  فى 2014 كانت 469 . 8 ألف كم وتم تطويرها وتوسعتها لتصبح اكثر من 600 ألف كم ..   هذا بجانب تنفيذ مشروعات لتحسين كفاءة الاستخدام وتحقيق الاستدامة لإمدادات الطاقة الكهربائية؛ بهدف تقليل حرق الوقود من جهة، وتخفيض انبعاثات الكربون من جهة أخرى  ..
وها نحن نجني ثمار كل هذه الجهود ، حيث تقدم مركز مصر فى مؤشر الحصول على الطاقة بين دول العالم ، وتخطت 68 مركزا عالميا ليتحسن ترتيب مصر في مؤشر الحصول على الكهرباء من المركز 145 في عام 2015 إلى المركز 77 وذلك وفقا للتقرير الدولي الصادر عن عام 2020  وحصدنا جوائز لمشروع بنبان الشمسي  كأفضل مشروع حكومى عربى لتطوير البنية التحتية على المستوى العربى"جائزة التميز الحكومى العربى " فى دورتها الأولى (2019 – 2020)  وأعلنت مجموعة البنك الدولي، فوز مشروع توليد الطاقة الشمسية فى بنبان بأسوان بالجائزة السنوية كأفضل مشروعات البنك تميزاً على مستوى العالم، وهى المرة الأولى التي تفوز بها مصر بهذه الجائزة ، وحصل المشروع النووي المصري على جائزة أفضل مشروع تم إطلاقه على مستوي العالم ضمن ٣ مشروعات حصلوا على تلك الجائزة على هامش معرض اتوم إكسبو للطاقة النووية بروسيا ، وفاز مشروع نظم الخلايا الشمسية الصغيرة المتصلة بالشبكة بجائزة معهد الطاقة بلندن كأفضل المشروعات عالمياً في الحد من غازات الاحتباس الحراري لعام 2020 ، وقفزت مصر 44 مركزا في مؤشر جودة إمدادات الكهرباء بتقرير التنافسية العالمية  فكانت فى المركز 121 فى عام 2014  وفى عام 2019 أصبحت فى المركز 77  وجاء ترتيب مصر  40      فى مؤشر تنظيم كفاءة الطاقة بتقرير التنافسية العالمية 2019 وذلك ضمن 141 دولة شملها التصنيف ، وقفزت مصر 5  مراكز  فى مؤشر التحول فى الطاقة الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى ،  ففى 2018 كانت  فى المركز 81  وفى عام 2021  فى المركز 76  ومع تنفيذ مشروع بنبان للطاقة الشمسية ارتفع تصنيف مصر البيئي للمرتبة 21  عالميا  ...
ولضمان استقرار واستمرار التغذية الكهربائية، تم وضع وتنفيذ خطة شاملة لتطوير شبكات نقل وتوزيع الكهرباء ، وذلك من خلال تنفيذ 375 مشروعا لشبكات نقل الكهرباء ( محطات محولات وخطوط هوائية وأرضية ) باستثمارات تقارب 70.7 مليار جنيه ، وتنفيذ مشروعات لشبكات توزيع الكهرباء ( محولات وكابلات ومراكز تحكم وعدادات و تحويل الخطوط الهوائية إلى أرضية ) بتكلفة استثمارية 41.8 مليار جنيه خلال عدة سنوات  .. وهنا يجب ان نذكر وبفخر انه قد تم انتاج وإضافة نحو 30 ألف ميجاوات قدرات كهربائية خلال عدة سنوات   وذلك بعد الانتهاء من تنفيذ 31 محطة إنتاج طاقة كهربائية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية، ليصل فائض الكهرباء الآن إلى اكثر من 15 ألف ميجاوات بعد عجز وصل إلى 6 آلاف ميجاوات في يونيو  حيث تم تنفيذ أحدث ثلاث محطات توليد مع شركة سيمنز (العاصمة الإدارية - بني سويف - البرلس) وذلك بإجمالي استثمارات بلغ 6 مليارات يورو، وإجمالي قدرات يبلغ 14.4 ألف ميجاوات، بينما تم تنفيذ مجمع بنبان للطاقة الشمسية بتكلفة بلغت أكثر من 2 مليار دولار (قطاع خاص) وإجمالي قدرات يبلغ 1465 ميجاوات.كما تم تنفيذ 3 محطات رياح لإنتاج الكهرباء  في جبل الزيت، بإجمالي تكلفة بلغ 580 مليون يورو، وإجمالي قدرات يبلغ 580 ميجاوات، فضلاً عن تحويل 5 محطات توليد كهرباء  تعمل بالدورة البسيطة لتعمل بنظام الدورة المركبة لتوفير الوقود ، وذلك بإجمالي استثمارات بلغ 27 مليار جنيه، وقدرات مضافة تبلغ 1840 ميجاوات.
وأولت وزارة الكهرباء اهتماما كبيرا بمشروعات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، وبلغ عدد المشروعات التي تم ويجري تنفيذها 17 مشروعا خلال عدة سنوات بتكلفة 51.8 مليار جنيه لإنتاج وإضافة أكثر من 6000 ميجاوات من الطاقة المتجددة (الرياح/الطاقة الشمسية/الطاقة المائية)  ومن أهم هذه المشروعات محطات إنتاج الكهرباء من الرياح في جبل الزيت بتكلفة 9.8 مليار جنيه، مجمع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية "بنبان" بإجمالي استثمارات بلغت 35.2 مليار جنيه، ومحطة إنتاج كهرباء كهرومائية بقناطر أسيوط بتكلفة 1.7 مليار جنيه ، وتم اتخاذ العديد من الإجراءات لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة وكانت أهم خطوة هي التعديلات التشريعية لإزالة عقبات الاستثمار في هذا المجال، كما تم إعلان برنامج إصلاح التعريفة الكهربائية، وكذلك تعديل قانون إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بحيث يسمح لها بإنشاء شركات بمفردها أو بالشراكة مع القطاع الخاص لبناء وتشغيل مشروعات الطاقة المتجددة ، وقد حققت مصر استراتيجيتها في مزيج الطاقة وانتجت 20 % طاقة متجددة من اجمالي استهلاكاتها ، وتستهدف انتاج نسبة 43% طاقة متجددة عام  2035  من اجمالي مزيج الطاقة ، وتعمل الإستراتيجية في نهاية تنفيذها على توليد 61 جيجاوات من الطاقة المتجددة ، والتى تبلغ الطاقة الشمسية منها 31 جيجاوات، وستمثل الطاقة الشمسية المركزة CSP حوالي 12 جيجاوات، وطاقة الرياح تشكل 18 جيجاوات ..
   ووفقا لأطلس الشمس والرياح فان مصر مازال بها رصيد ممكن لإنتاج 77 الف ميجاوات من الشمس والرياح  ، وفي  مزيج الطاقة عام 2035 نستهدف انتاج 21.13 % شمسي PV ونسبة رياح 14% ونسبة 5.52  % مركزات شمسية ، ونسبة الهايدرو 1.98  % وباقي المزيج 57.33 % من الغاز والنووي ، وننتج حاليا من محطات شمسية على  اسطح المباني وعدادات صافي القياس اكثر من 120 ميجاوات، وننتج حاليا من الرياح 1635 ميجاوات ( ومشروعات رياح تحت الإعداد اكثر من 2400 ميجاوات ) ومن الشمسي الفوتوفولطية مركب ومنفذ حاليا 1763 ميجاوات (ومحطات شمسية تحت الإعداد 1170 ميجاوات )  ومن الهايدرو 2832 ميجاوات   ومنفذ كتلة حيوية 56 ميجاوات ، ووصل اجمالي محطات الطاقة المتجددة المركبة حاليا 6286  ميجاوات   ومن المستهدف ان يصل اجمالي الطاقة المتجددة الى 10 الآف  ميجاوات عام 2023  ونتج عن كل ذلك تقليل انبعاث 12 مليون طن ثاني اكسيد كربون ، وتوفير حوالي 5 مليون طن مكافئ نفط    وفي إطار دورها الريادي الداعم للدول الإفريقية، نفذت مصر العديد من المشروعات، من بينها إنهاء وتشغيل مشروع الربط الكهربائي مع السودان، ويجري زيادة قدرة خط الربط بين البلدين الى 300 ميجاوات، وتدرس وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة مشروع رفع قدرة خط الربط الكهربائي مع ليبيا بقدرة 1000 ميجاوات ،  وفي الوقت ذاته، تسعى مصر لتصبح محورا اقليميا للطاقة ، ويجري انشاء الربط الكهربائي مع السعودية، ويهدف المشروع إلى تبادل الكهرباء بقدرة 3 آلاف ميجاوات والاستفادة من تباين أوقات الذروة بين البلدين، بالإضافة إلى مشروع الربط الكهربائي مع العراق والأردن، إذ تتبادل مصر والأردن الكهرباء بقدرة 500 ميجاوات، وتم الاتفاق على رفع قدرة الطاقة الكهربائية بينهما إلى 1000 ميجاوات، لتمكينهما من تبادل الكهرباء مع العراق، وتتراوح القدرة الكهربائية التي ستصدرها مصر إلى العراق في المراحل الأولية بين 500 و700 ميجاوات، ويجري دراسة مشروعات للربط مع قبرص واليونان.
وهناك العديد من الخدمات الذكية التي تسعي الشركة القابضة لتوفيرها  لتقديم خدمة مميزة وعالية الجودة للمواطنين، وذلك من خلال قنوات متعددة مثل مراكز خدمة  المشتركين والخط الساخن 121 والمنصة الموحدة لتقديم خدمات الكهرباء الذكية eehc.gov.eg وتم اطلاق هذه المنصة لتقديم الخدمات الإلكترونية   وتلقي البلاغات الفنية والشكاوي التجارية من خلال المنصة الإلكترونية، ويتم اتخاذ الربط الكامل بين المنصة الإلكترونية وخدمة تلقي البلاغات الفنية والشكاوي التجارية من خلال الرقم التليفوني الموحد 121 وفي إبريل 2020 تم إطلاق عدة تطبيقات لشحن العدادات مسبوقة الدفع من خلال أجهزة التليفوم المحمول باستخدام خاصية NFC  ويجري استكمال تركيب 250 ألف عداد ذكى Smart كمشروع تجريبي في نطاق ست شركات(شمال القاهرة - جنوب القاهرة - الإسكندرية - القناة - جنوب الدلتا - مصر الوسطى) وتم للآن تركيب اكثر من 12 مليون عداد مسبق الدفع ( بكارت شحن ) وتم  إنشاء وتطوير عدد من مراكز التحكم باستخدام أحدث أنظمة التحكم والمراقبة والإتصال تعزيزا لمواكبة التحول الرقمي والشبكات الذكية ، وقد قام قطاع الكهرباء بجهود كبيرة ومختلفة من شأنها تقليل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون والمحافظة على البيئة ومنها: توزيع لمبات الليد الموفرة للمواطنين خلال شركات التوزيع التسعة بسعر مدعم ، وانشاء محطات الشمس والرياح لتوليد الكهرباء ، وانشاء المحطة النووية ، وتنفيذ مشروع الضخ والتخزين المائي لتوليد الكهرباء ، وتنفيذ حملات التوعية بترشيد استهلاك الكهرباء ، وانشاء مراكز التحكم واستخدام العدادت الذكية ومسبقة الدفع، والتعاون للتوسع في استخدام السيارات الكهربائية ، وتنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر ، والتعاون لتعزيز الصناعة المحلية لمكونات محطات الخلايا الشمسية الفوتوفولطية ومحطات الرياح ، وتصنيع لمبات الليد الموفرة  محليا .
ان مصر بصدد متابعة الثورة التكنولوجية الخاصة بالهدروجين الأخضر الصديق للبيئة وقد بدأت خطوات حثيثة من خلال الاستفادة من الخبرات الدولية ، و أنه حاليا تعمل لجنة وزارية على المستوى الوطني لدراسة  انتاج الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة في المستقبل القريب في مصر والبحث في جميع البدائل الممكنة لتوليد واستخدام الهيدروجين مع الأخذ في الاعتبار التجارب الدولية في هذا المجال ويجري حاليا  تحديث استراتيجية الطاقة 2035 لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة. وهناك تعاون وتنسيق كامل بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة والمنطقة الإقتصادية لهيئة قناة السويس لتيسير وجذب الإستثمارات في مجال انتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء ، وقد تم توقيع 7 مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات المصرية والعالمية باستثمارات اكثر من 10 مليار دولار وسيتم توقيع العقود في قمة المناخ Cop27 في نوفمبر 2022 في شرم الشيخ ، و بتوفيق الله واخلاص النوايا وتضافر الجهود  تحولت مصر من العجز في الكهرباء الى الإكتفاء ، ومن الندرة الى الوفرة ، وتتحرك الآن  بخطوات واثقة نحو الطاقة المستدامة والشبكات الذكية والتحول الرقمي والإقتصاد الأخضر ..        

دكتور / محمد اليماني – رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة  [email protected]


تم نسخ الرابط
ads