د. محمد عبد الرؤوف يكتب :_ كورونا ..الجانب المشرق
هناك الكثير من الخوف والهلع، وربما عن حق، حول COVID-19. لكنني أحب أن الفنت النظر للجانب المشرق الذي جلبه كورونا لنا! فجميعنا يعرف المثل "رب ضارة نافعة”، فهذا المثل الذي نضربه عندما يُصيب شخصٌ أو مجموعة أو بلدة ما ظروف سيئة لكنه لا ينبغي أن نجزع من رحمة الله، فسبحانه وتعالي له حكمة بالغة في كل أمرٍ يُصرِّفه حتى إن بدا ظاهره سيئاً.
فالمدقق النظر، يستطيع أن يدرك بجلاء أن فيروس كورونا ساعدنا (البشرية كلها) كثيراً!!!
كيف؟
علي الجانب الاجتماعي منحنا الفيروس فرصة لإعادة التواصل بالعائلة حيث أصبحنا نقضي وقت أطول في المنزل خاصة مع اجازات المدارس والأمهات بالإضافة الي العمل من المنزل لكثير من المهن. انها فرصة للتأمل العميق وتهدئة الذات. وهنا أتذكر بوست طريف وصلني خلال اليومين المطيرين منذ عدة ايام حيث ذكر احدهم "انه جالس بالمنزل الان بدون كهرباء وانترنت فكان ذلك فرصة كبيرة للتواصل مع زوجته التي اكتشف انها شخصية لطيفة جدا!"
وعلي الجانب البيئي فالمزايا عديدة والفوائد عظيمة فالحد من السفر منح إستراحة للبيئة والسماء والهواء والرئتين..الخ. هل تصدق أن تشهد أجزاء من الصين سماءً زرقاءً للمرة الأولى منذ أمد مع إغلاق المصانع هناك. كما لحقت إيطاليا بالصين حيث كشفت صور الأقمار الصناعية عن أن تلوث الهواء في شمال البلاد إنحفض بشكل حاد بعد أن أجبر الفيروس السلطات علي إغلاق المصانع وحظر السفر وتحولت المدن المكتظة بالسيارات والانبعاثات الكربونية الي مدن أشباح. بالإضافة إلي ان العمل من المنزل بدلاً من الانتقال إلى العمل يقلل الزحام والتلوث ويوفر الوقت والدخل فالدخل فرع الوقت (اي ناتج العمل في وقت ما).
وعلي الجانب الصحي الفيروس نبهنا من جديد بأهمية أشياء بديهية ربما البعض منا أهملها مع أنها من صلب ريننا الحنيف كالنظافة الشخصية والتعقيم والمطهرات والأكل الصحي ورفع الإستعدادات والتجهيزات في المنشات الصحية بعد بات أغلبها خارج الخدمة ...الخ.
وعلي الصعيد التكنولوجي فالتغييرات هائلة، فالتعليم عن بعد أصبح حقيقة وواقع ملموس! كما أن الطفرة التكنولوجية مذهلة فعلا في التعامل مع الفيروس، إذ يمكن أن يساعد انترنت الأشياء (IoT)، وهي كل الأجهزة المتصلة بالإنترنت كالساعة الذكية والهواتف والتلفاز والروبوتات وغيرهم من الأجهزة التي تقدم شبكة من الأنظمة المترابطة والمتقدمة في تحليل البيانات والذكاء الإصطناعي، في حصر إنتشار الفيروس ومكافحته. فالبيانات التي ترسلها هذه الأجهزة بشكل دوري ويتم تجميعها فيما يسمي بـ "البيانات الكبرى" تساعد بالتالي في توفير نظام إنذار مبكر للحد من انتشار الأمراض المعدية. كما أن رؤية مدينة كبيرة وذكية، تضم ملايين البشر المكشوفين أمام أجهزة ذكية كما هو الحال في مدنٍ صينية عدة الآن من شأنه أن يكون أحد أهم القفزات النوعية البشرية.
وأحيراً وليس أخراً إن التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا علي الاقتصاد المحلي والعالمي خطيرة والقرارات الاقتصادية المختلفة التي إتخذتها الحكومة مهمة لتخفيف هذه الاثار الاقتصادية وتجاوز الأزمة الا أن الفيروس، بلا غرو، منحنا إيجابيات كثيرة يمكن اختصارها في أنه قفز بنا الي المستقبل! نعم حيث يكون الفرد متصلاً ، وإنسانيًا ، ويعيش حياة أبسط ، و أقل تلويثا من اجل تحقيق مجتمع ذكي صحي ومستدام. فهل الفيروس صديق أم عدو؟ ربما الاثنان معاً!