الهبوط الكبير..هل تستفيد مصر من تراجع أسعار البترول؟
للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، تشهد أسعار النفط انخفاضًا مدويًا، حيث بلغ سعر البرميل 30 دولارًا فقط ليسجل أقل انخفاض له. هذا الانخفاض لم يأت من فراغ، وإنما جاء بسبب حرب السيطرة على الأسواق بين كبار منتجي النفط في العالم (روسيا والسعودية) خاصة بعد عدم موافقة روسيا مد خفض سقف الإنتاج لجولة أخرى بناءً على طلب السعودية المهيمنة على قرارات أوبك وفقا لتصريحات المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول السابق.
وأضاف يوسف فى تصريحاته لـه، أنه كان لزامًا على السعودية المبادرة باتخاذ قرار هو قادم بلا شك نتيجة قانون العرض والطلب والكساد والركود العالمي تزامن معه وجود انهيار في كل المجالات المرتبطة بأسعار النفط والغاز والطاقة متمثلة في انهيار معظم البورصات العالمية التي تأثرت به شركات عالمية كبرى لتسقط سقوطا كبيرا مثل أكسون موبيل وبي بي وشل وغيرهم كثير.
وأشار إلى أنه بالطبع سيتبع ذلك ركود في الاستثمارات المرتبطة بصناعة النفط والغاز في ظل اتجاه عالمي منتعش تجاه اللجوء للاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة بديلا للنفط ليقع عند مستويات سعرية تتفق ورؤية الدول الصناعية الكبرى المستهلكة للطاقة الأحفورية.
ومنذ 2 مارس الماضي، كانت بداية الانخفاض الحقيقي لأسعار النفط على عامين ليصل إلى 48،60 دولار/ برميل، ثم عاود الارتفاع في اليوم ذاته ليصل إلى 52،01 إلا أن تفشي فيروس كورونا تسبب في كساد عالمي لأسعار ومنتجات النفط.
من المستفيد مما يحدث؟
أجاب نائب رئيس هيئة البترول السابق بقوله: "إن تلك الأحداث تحقق لمصر ميزة نسبية في مجال النفط والطاقة بوجه عام، حيث انخفاض أسعار النفط وقيام مصر باستيراد نفط ومنتجات بترولية من الخارج بأسعار منخفضة يحقق لها تلك الميزة".
وشهدت الأسواق العالمية مؤخرا انخفاضات متتالية لأسعار النفط بالرغم من الإجراءات الاحترازية التي قامت بها منظمة أوبك للحفاظ على أسعار النفط استتبعها انخفاض في أسعار الغاز المسال عالميا كنتيجة لربط أسعاره التعاقدية بأسعار خام النفط القياسي (برنت)، ولذلك تأثرت مبيعات الغاز المسال الروسي والقطري والأسترالي وغيرها للأسواق المستهلكة للغاز المبيع على شكل شحنات فورية.
ونوه إلى أن أسعار الغاز الطبيعي المبيع من خلال خطوط الأنابيب خصوصا لدول أوروبا للغاز القادم من روسيا والجزائر والنرويج فتأثيره جاء ضعيفا نتيجة شروط الاتفاق طويل الأجل المبرم وكذلك أيضا الوفرة في إنتاج الغاز الطبيعي جاءت نتيجة إنتاج متعاظم من الولايات المتحدة وأستراليا ودول الشرق الأوسط وخصوصا الولايات المتحدة، ولذلك شاهدنا أسعارا متدنية للغاز الأمريكي المربوط بالخطوط إلا أن تلك الأسعار تعكس الأسعار العالمية للغاز على مستوى العالم.
وأكد أن مصر لن تتأثر من تلك الانخفاضات، نتيجة تعاظم الاستهلاك المحلي من الإنتاج المحلي علاوة على واردات مصر المربوطة بالخط العربي الواصل للأردن بعقد طويل الأجل، أما ما يفيض فيتم تصديرة مسالا بأسعار مميزة، نتيجة تميز موقع مصر الجغرافي على شواطئ المتوسط.
وأوضح أنه لا يتعدى حجم الغاز الفائض والموجه للتصدير مسالا إلا في حدود 5 %، وبالتالي فإن الاستهلاك المحلي يلتهم معظم الإنتاج، وذلك نتيجة خطة قطاع البترول بإحلال الغاز الطبيعي محل البوتاجاز بتوصيل الغاز للمنازل بخطة طموحة وتعظيم تحويل السيارات للعمل بالغاز بديلا للبنزين والسولار، وكذلك تشغيل كل محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي توفيرا تاما للمازوت والسولار مع توجيه المازوت الفائض لمعامل التكرير المحدثة والجاري إنشاؤها بتحويله إلى منتجات بترولية عالية القيمة وبذلك يحقق قطاع البترول القيمة المضافة الأعلى لاستخدامات الغاز الطبيعي.
انخفاض أسعار النفط والغاز المسال عالميا نتيجة للأحداث الأخيرة يعطي لمصر ميزة نسبية، نظرا لانخفاض أسعار المنتجات البترولية التي تستورد حاليا.
وهنا وجب التنويه على ما قام به قطاع البترول المصري من تعظيم الاستفادة من وفرة الغاز عن طريق إحلاله محل العديد من المنتجات البترولية مثل المازوت والسولار والبنزين والبوتاجاز بالتوسع في توصيل الغاز للمنازل وتحويل السيارات والمركبات للعمل بالغاز وتوليد الكهرباء اعتمادا على الغاز بديلا للمازوت واستخدامه مادة تغذية بمعامل التكرير لتعظيم إنتاج البنزين والسولار والدخول بقوة في الصناعات المعتمدة على الغاز من البتروكيماويات والأسمدة وبالتالي كان سباقا في هذا المضمار بنظرة مستقبلية كان لها نتائج باهرة.