رئيس مجلس الإدارة
عبدالحفيظ عمار
رئيس التحرير
محمد صلاح

عبدالحفيظ عمار يكتب: عندما تكتنف العناية الإلهية شخصًا ما

عالم الطاقة

الله لطيفٌ بعباده.. يحنو عليهم.. يكلأهم برعايته.. يشملهم بعنايته، يعوضهم، ليتنا نقدر الله حق قدره، ليتنا نعامل اللطيف، الكريم، العفو، كما ينبغي له.

الحياة مليئة بالأمثلة التي تتجلى كل يوم عما ينطوي عليه لطف الإله العظيم تجاه عباده.. ومنها شاب صادفني، من محافظة الشرقية.. استوقفني قبوله الشديد لدى الناس، وإقبالهم على مطعمه المتواضع من كل الطبقات الاجتماعية، بدايةً من القهوجي.. حتى الطبيب.. ومن يستقلون سيارات «مرسيدس» يلامس سعرها المليونين من الجنيهات.

إقبال غير طبيعي عليه، «جدعنة» وطيبة منه تخالف المألوف أيضًا، فأغلب زبائنه أصدقاء له.

دائمًا ما شعرت بأنه مُحاط بالعناية الإلهية بشكل أو بآخر، وبعد فترة ليست بكبيرة أصبحنا صديقين، وفتح قلبه وحكى عن طفولته المؤلمة، ويتمه المبكر بعد وفاة والدته، ودخول زوجة والده على حياته تعذيبًا وتنكيلًا، وكيف صبر الطفل الصغير، ثم الفتى، بل وترك الثانوية العامة، وعمل بمطعم أحد أقاربه بالقاهرة، ليهرب من جحيم المنزل.. ثم أحس باليُتم ثانيةً في السادسة عشرة من عمره، بعدما فقد حب حياته وابنة عمه، التي حاربت من أجله، وأقسمت عليه أن يأخذ ذهبها ليبيعه ويتقدم للزواج منها، لكنه تركها، بسبب ظروفه وحياته الاجتماعية الممزقة.

وحكي كيف عاش حياته بعدها يأسًا هائمًا على وجهه، ومر بسنوات تيه، زهد فيها النساء والناس جميعًا.

لكن رحمة المولى- عز وجل- به، لم تتركه يومًا، فكانت تحنو عليه وتسوق له الخيّرين، وتجنبه من لا دين لهم ولا خلاق، فعناية الله لازمته في هيئة رعاية وحماية، وحب من الناس، ورزق يُساق إليه.. ثم عوضه الرحمن حبًا جديدًا ليربت على قلبه المذبوح، الذي تجرع مرارة اليتم اثنتين: أولاهما بفقد أمه والأخرى بفقد حبيبته.

كثيرًا ما سردت قصته على أصدقاء لي؛ لأذكرهم بالعناية الإلهية عندما تكتنف شخصًا، وتهيئ له الأسباب، وتعوضه خيرًا مما فقد.

وهناك أمثلة لأشخاص دائمًا أشعر بأنهم صادفوا إنسانًا صالحًا، أو وليًا، فدعا لهم دعوة جعلت السعادة والستر ملازمين لهم..

منهم صديق في مقتبل العمر، أتى من الأقصر ليخطو خطواته الأولى للعمل في بلاط صاحبة الجلالة، دائمًا ما شعرت بأنه من هؤلاء الذين غيَّر الدعاء حياتهم، وأخبرته بذلك، فصارحني بأنه ما رأى شخصًا على سفر قط، إلا وطلب منه الدعاء.. حتى أنه قال: هاتفت شخصًا لأستفسر عن موضوع خاص بالعمل، وتحادثنا كثيرًا في الهاتف، ثم طلب مني الحضور لجلسة يعقدها غدًا، وعندما حضرت فلم أجد صحفيًا سوايَّ.. فسألته بعد الجلسة: لماذا لا أرى صحفيين؟!.. وشرحت له أن وجودهم قد يساعد في الدعاية لأعماله.

فرد: عملي لا يحتاج لدعاية، ومنتجي «بايع نفسه»، وأنا لا أدعو صحفيين لمثل هذه الجلسات، لكن والله صوتك، أمس، اخترق القلب، لذلك دعوتك!!

وهناك أيضًا صديق في منتصف الأربعينيات، منحه الله قبولًا شديدًا، وخفة ظل غير معهودة، قد تجلس معه ساعات، دون أن تمل أو حتى تشعر بالوقت.

اللافت أيضًا أنك قد تغضب منه، وتثور ضده، لكنك لا تستطيع أن تتخذه ضده موقفًا مهما فعل، فاذا جالسته وتحدثتما نسيت كل شيء.

لم أسأله عن ذلك، لكن والده كان محبًا للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وآل بيته الأطهار، مداومًا على زيارتهم، لا يفوته حدث واحد.. وحقيقة كان رجلًا سمحًا، يعفو عمن تجاوز في حقه، رغم كبر سنه ومقامه، وأنا شاهد على ذلك؛ فقد يكون صادف دعاؤه لابنه ساعة إجابة، أو أحدًا ممن كان يتردد عليهم من الصالحين.

سعيد من عاش في عناية الرحمن، أو من قيض له من يجعله سعيدًا بدعوة بظهر الغيب من شخص يعرفه، أو يجهله ويعرف فعله، أو دعوة من نفس راضية لعابر سبيل بينه وبين الله عمار، أو أيتام تكفل بهم وأظهر لهم الود فكفله الله.

اللهم إني أسألك أن تجعلني من هؤلاء، وتحقق أملي، وتدلني على من يرشدني إليك، أنا ومن أحب.

وللحدث بقية...


تم نسخ الرابط
ads